الملك الفاسد ، زير النساء ، الملك الطاغية ، عاشق الراقصات والغانيات ..... ـكل هذا الكلام كان في مخيلتي عن الملك فاروق الأول " ملك مصر والسودان " قبل ما يسعدني الحظ وأشاهد مسلسل الملك فاروق علي آواخر الحلقات ـ لظروف الامتحانات زي ما انتم عارفين ـ
ولكن ما شاهدته في المسلسل من حيث بساطة الرجل وظهوره في المسلسل كإنسان طبيعي يغلب علي أمره كثيراً من قلة حيلته أمام الانجليز إلي ضعفه أمام أمه وتصرفاتها ، يستقل سيارته ويمشي بها في الشارع عادي كده بدون حرس ، محبة الناس له في بداية حكمه أشياء كثيرة بدأت تلغي عندي الصورة النمطية التي أخذناها زمان في كتاب التاريخ الأصفر بتاع اعدادي ـ
بدأت ابحث عالنت .. حقائق من هنا وهناك ... تأكد لي بالدليل القاطع أن الصورة التي وصلت إلينا مشوهة تماماً .. وأن التاريخ فعلاً يكتبه المنتصرون .... مثلا ً عرابي اللي كلنا عرفناه علي أنه زعيم كان حتي عهد ما قبل الثورة ذلك الخائن العميل ... ـ
صوروا إلينا مصر ذلك البلد الذي يعج بالفساد والأوضاع الاقتصادية الصعبة ...لكني اكتشفت أن الاقتصاد المصري حينها كان اقتصاد ليبرالي حر والجنيه المصري كان يعادل جنيه استرليني كما أن بورصة الاسكندرية كانت خامس أكبر بورصة في العالم في ذلك الوقت وكانت الموانئ المصرية خاصة الاسكندرية وبورسعيد كانت أنشط موانئ البحر المتوسط والشرق الاسط علي الاطلاق ....... مصر كانت تخصص مساعدات مالية ومساعدات اخري تتمثل في انشاء تكيات مصرية في الدول الاسلامية ومنها التكية المصرية في مكة المكرمة علي سبيل المثال ,ومستشفيات مجانية في دول عربية واسلامية من بينها دول هي الان من كبار مصدرى البترول في العالم ....... ـ
كانت مصر حينها بها حياة نيابية سليمة ... انتخابات نزيهة بلا تزوير ، أحزاب سياسية ، نظام الملكية الدستورية التي يملك فيها الملك ولا يحكم وكنت تشاهد خطاب تكليف الملك فاروق لرئيس الوزراء بتشكيل الحكومة يكتب فيه " عهدنا إليكم بحكم البلاد " تحس الملك ده كأنه ولا ليه قيمة ... النحاس باشا حينها كان يعقد معاهدة ويلغي معاهدة ويعلن الحرب علي الانجليز ـ
اتهم الملك فاروق انه كان وراء صفقة الأسلحة الفاسدة لكن أغرب شئ توصلت إليه اعتراف حسين الشافعي من أقطاب الثورة وممن شاركوا في حرب 48 إنه لم يكن فيه شئ اسمه اسلحة فاسدة ولكن كل ما في الأمر كان فيه هدنة بين الجيوش العربية والعصابات الصهيونية مع حظر بيع السلاح للأطراف المتحاربة فاضطرت مصر حينها شراء أسلحة قديمة هي بقايا الحرب العالمية الثانية والأسلحة كانت سليمة ومابتفجرش في اللي بيستعملها زي ما الصورة وصلتنا !! ـ
نسي أو تناسى الجميع أن الملك فاروق أحد أصحاب فكرة تأسيس الجامعة العربية وأكثر من دعمها سنة 45 ـ
من أغرب الأشياء التي وجدتها من خلال بحثي عالنت مقالة كتبها محمد حسنين هيكل سنة 44 بمناسبة العيد الثامن لجلوس الملك علي العرش بيمدحه فيها ويعظمه لأقصي درجة ـ ـ اضغط هنا ـ ـ
برضه من أكتر الحاجات اللي استغربتلها السلاسة الشديدة اللي أبداها الملك فاروق لمطالب الضباط الأحرار وتسليمه كل شئ لهم بسهولة من ضمن ما وجدته عالنت ـ ـ
" من مذكرات الأميرالاى «محمد يوسف» المرافق الخاص للملك فاروق.......... ـ
ـفى إبان الأزمة وقبل أن يغادر الملك أرض مصر، أرسل الإنجليز المستر «سمارت» السكرتير الشرفى بالسفارة البريطانية بمصر لمقابلة جلالة الملك وإبلاغه أن الحكومة البريطانية على أتم استعداد بجيوشها الموجودة فى مصر والتى ترابط على بعد أربعين ميلا من القصر للتدخل لصالح الملك، فأجابه الملك شاكرا وقال: إننى وطنى ولا أريد أن أعيد عهد الخديو توفيق، يقصد عندما وافق الخديو توفيق على مداخلة الإنجليز بسبب حركة عرابى لصالح العرش، مما أدى إلى احتلالهم البلاد. وتمنى الملك للذين سيحملون المسئولية من بعده أن يوفقهم الله إلى هذه المهمة الصعبة " ـ
وفي الحقيقة كل ماسبق ليس بصدد الدفاع عن شخص الملك فاروق ـ فهو بشر بكل تأكيد يخطئ ويصيب ولكن الفارق أن غلطه كان علي نفسه ما ضرش بيه حد ـ ولكني مهتم بالدفاع عن ذلك النظام نظام الملكية الدستورية ...... ـ
تضحكني جداً المقارنة بين عهد الملكية وعهود الديقراطية اللي بيقولوا عليها اللي جاءت بها الثورات بعده، وكأن رؤساء ما بعد عهد الملكية ليسوا ملوكا ، لايغادرون إلا إلى قبورهم، بل ويورثونها لأبنائهم عن طريق الانتخابات المزورة أم التسعة والتسعين في الميه، فترة رئاسة أولي وتانية وتالتة لدرجة أنهم لما زهقونا بقت تتكتب " فترة رئاسة جديدة " !! ـ
اللي عايز أوصله أن الملكية على الأقل صيغة صادقة وواضحة مع نفسها ومع شعبها وإحقاقاً للحق ما نقدرش ننكر الانجازات اللي تحققت في عهد الثورة تأميم القناة وبناء السد العالي واستصلاح الأراضي وكتير غيرها لكن المشكلة إن عبد الناصر أرسي نظام حكم الفرد اللي طبعاً لازم يكون من المؤسسة العسكرية فأصبحت بلد تحكمها أفراد وليس مؤسسات والدليل إن أسلافه ضيعوا كل اللي عمله فوصلنا دلوقتي لحالة من الاستبداد والفساد ... لو نظرنا لكل أهداف الثورة هنلاقي إن كل الأسباب اللي قامت لأجلها الثورة موجودة دلوقتي من فساد وغياب عدالة اجتماعية وسيطرة رأس المال .... عالعموم ربنا يرحم الجميع. فاروق وجمال عبد الناصر والسادات واللي جا بعدهم !! وابن المحظوظة اللي هييجي بعده !!!! ـ
.قال تعالى "تلك الأيام نداولها بين الناس". وقال " وعند ربكم تختصمون " ـ
